فالأولى جعل من موصولة مبتدأ وقوله إن ذلك خبر، وإن واسمها واللام المزحلقة ومن عزم الأمور خبر.
1- جناس المزاوجة: في قوله «وجزاء سيئة سيئة مثلها» جناس المزاوجة اللفظي فإن السيئة الثانية ليست بسيئة وإنما هي مجازاة عن السيئة، سميت باسمها لقصد المزاوجة، ومثله في البقرة قوله تعالى «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» فقد تقدم القول هناك أنه تعالى سمى جزاء الاعتداء اعتداء ليكون في نظم الكلام مزاوجة وبعضهم يعبّر عنها بالمشاكلة وبعض المحققين لا يجعله من ذلك الباب بل يقول: إن غرضه تعالى أن السيئة ينبغي أن تقابل بالعفو والصفح عنها فإن عدل عن ذلك إلى الجزاء كان ذلك سيئة مثل تلك السيئة وهذا الكلام لا يخلو من نفحة صوفية روحانية.
2- التهذيب: وفي هذه الآية فن التهذيب أيضا فإنها سلمت من المحذور الذي يقتضي تهذيبها، وتفصيل ذلك أنه عند ما يسند الفعل إلى الله تعالى ينبغي العدول عن إسناد الإساءة إليه كما في قوله «يجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى» فإن صحة المقابلة في هذا النظم أن يقال ليجزي الذين أساءوا بالإساءة حتى تصحّ مقابلته بقوله «ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى» لكن منع من ذلك التزام الأدب مع الله سبحانه في إسناد فعل الإساءة إليه أو الآية التي نحن بصددها فقد أمن فيها ذلك المحذور فأتى النظم على مقتضى البلاغة من مجيء تجنيس الازدواج فيه على وجهه من غير تغير إذ لا ضرورة تدعو إلى تغييره.
وفي قوله «فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين»