إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد قالوا مثلك لا يفعل كذا ومرادهم إنما هو النفي عن ذاته ولكنهم إذ نفوه عمّن هو أخصّ أوصافه فقد نفوه عنه وقيل الكاف في الآية غير زائدة ثم اختلف فقيل الزائد مثل كما زيدت في «فإن آمنوا بمثل ما آمنتم» قالوا وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير انتهى والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم بل زيادة الأسماء لم تثبت» .
ونختم هذا البحث بقول الزمخشري في كشافه وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب قال: «قالوا: مثلك لا يبخل فنفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته قصدوا المبالغة في ذلك فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمّن يسدّ مسدّه وعمّن هو على أخصّ أوصافه فقد نفوه عنه ونظيره قولك للعربي: العرب لا تخفر الذمم، كان أبلغ من قولك أنت لا تخفر ومنه قولهم قد أيفعت لداته وبلغت أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، وفي حديث رقيقة بنت صيفي في سقيا عبد المطلب: ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته، والقصد إلى طهارته وطيبه، فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله: ليس كالله شيء وبين قوله ليس كمثله شيء إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها وكأنها عبارتان متعقبتان على معنى واحد وهو نفي المماثلة عن ذاته ونحو قوله عز وجل: «بل يداه مبسوطتان» فإن معناه بل هو جواد من غير تصوّر يد ولا بسط لها لأنها وقعت عبارة عن الجود لا يقصدون شيئا آخر حتى أنهم استعملوها فيمن لا يدله فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل ومن لا مثل له، ولك أن تزعم أن كلمة التشبيه كررت للتأكيد كما كررها من قال: وصاليات ككما يؤثفين، ومن قال: فأصبحت مثل كعصف مأكول» .
وعقب ابن المنير القاضي على كلام الزمخشري فقال: «هذا الوجه الثاني مردود على ما فيه من الإخلال بالمعنى وذلك أن الذي يليق