وروى ابن عباس انما أنزلت هذه الآية «ولا تجهر بصلاتك» إلخ من أجل هؤلاء النفر.

وإذا كان سادة قريش قد دعوا أهل مكة الى الانصراف عن سماع القرآن فما كانت بهم طاقة على تنفيذ هذا الأمر لما يحسون في أنفسهم من رقة ومن شغف لسماع هذا التنزيل الذي لا عهد لهم به.

وروى ابن اسحق أيضا:

أن أبا سفيان وأبا جهل والأخنس خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا، حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم الى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا، حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد أن لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا.

فلما أصبح الأخنس أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال له:

- أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد فقال:

- يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015