تعالى: «أفلا يتدبرون القرآن» ؟ وعلى هذا الرأي نرجح أن معناها التحدي والارهاص بأن هذا القرآن مؤلف من نفس الحروف التي ينظم بها العرب أشعارهم، ويؤلفون خطبهم وأسجاعهم وهم مع ذلك عاجزون عن الإتيان بمثله أو محاكاته وهذا تفسير يتمشى مع إعجاز القرآن الذي تميز به، وتقول دائرة المعارف الاسلامية في بحثها عن القرآن ما خلاصته: إن العلماء تعبوا كثيرا في فهم المقصود من هذه الحروف وقد وردت هذه الحروف في تسع وعشرين سورة كلها من العهد المكّيّ إلا ابتداء سورتي البقرة وآل عمران فقد وردا في العهد المدني وجملة الحروف التي تكررت في هذه الابتداءات أربعة عشر حرفا.
وقد اعجبنا بحث كتبه الدكتور زكي مبارك في كتابه «النثر الفني» فأحببنا أن نقتبس منه ما يروق قال صاحب النثر الفني ما خلاصته: كنت أتحدث عن فواتح السور مع المسيو بلا نشو فعرض علي تأويلا جديرا بالاعتبار، جديرا بالدرس والتحقيق وفحواه:
ان الحروف: الم. الر. حم. طسم هي الحروف:..
التي توجد في بعض المواطن من:- فهي ليست إلا إشارات وبيانات موسيقية يشار الى الحانها بحرف أو حرفين أو ثلاثة فهي رموز صوتية فليس من المستبعد أن تكون فواتح السور إشارات صوتية لتوجيه الترتيل، ولعل ما أورده الدكتور زكي مبارك يتصل اتصالا قريبا أو بعيدا بما أوردناه من معنى التحدي وقرع العصا للمكابرين الذين سبروا أغوار القرآن وأدركوا بفطرتهم البلاغية ما يتميز به من بيان، وللسيوطي في كتابه الممتع «الإتقان» رأي يؤيد ما ذهبنا إليه إذ قال: انه أريد مفاجأة العرب، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، برموز وإشارات لا عهد لهم بها ليزداد التفاتهم،