فالكرى هو النوم، ولكن في تكريره هنا معنى يدرك بالبداهة، أشبه بأخذة السحر.
واستمع الى قول المساور بن هند:
جزى الله عنّي غالبا من عشيرة ... إذا حدثان الدهر نابت نوائبه
فكم دافعوا من كربة قد تلاحمت ... عليّ وموج قد علتني غواربه
فصدر البيت الثاني وعجزه يدلّان على معنى واحد، لأن تلاحم الكرب عليه كتعالي الموج من فوقه، وإنما سوّغ ذلك أنه مقام مدح وإطراء، ألا ترى أنه يصف إحسان هؤلاء القوم عند حدثان دهره، في التكرير! وفي قبالته لو كان القائل هاجيا فإن الهجاء في هذا كالمدح.
ونحب هنا أن نستدرك فنقول ليس كل تكرير حسنا، فبعضه يكون غثا كقول أبي الطيب المتنبي من قصيدته البديعة التي يقول في مطلعها:
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن ... يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن
وهذا من أجمل الشعر وأروعه، على أنه ما لبث أن قال:
العارض الهتن ابن العارض ال ... هتن العارض الهتن ابن العارض الهتن