والمعروف من قراءة الأعمش وَأَمَّا ثَمُودُ «1» بالصرف على أنه اسم للحيّ إلّا أن أبا حاتم روى عن أبي زيد عن المفضّل عن الأعمش وعاصم أنهما قرا وأمّا ثمودا بالنصب. وهذه القراءة معروفة عن عبد الله بن أبي إسحاق، والنصب بإضمار فعل على قول يونس قال: زيدا ضربته، وذلك بعيد عند سيبويه. وعلى ذلك أنشد: [المتقارب] 395-
فأمّا تميم تميم بن مر ... فألفاهم القوم روبى نياما
«2» قال الضحاك: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ أخرجنا لهم الناقة تبيانا وتصديقا لصالح صلّى الله عليه وسلّم. فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى قال: أي استحبّوا الكفر على الإيمان.
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)
ويوم نحشر أعداء الله إلى النّار هذه قراءة نافع، وأما سائر القراء أبو عمرو وأبو جعفر والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي فقرؤوا وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ «3» على ما لم يسمّ فاعله. وهذا اختيار أبي عبيد وعارض نافعا في قراءته منكرا فقال بعده فَهُمْ يُوزَعُونَ ولم يقل نزعهم أي يحشر أولى. قال أبو جعفر: وهذه المعارضة لا تلزم، والقراءتان حسنتان، والمعنى فيهما واحد غير أن قائلا لو قال قراءة نافع أولى بما عليها من الشواهد لأنه قد أجمع القراء على النون في قوله جلّ وعزّ: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً [مريم: 85] ومن الدليل على أن معارضته لا تلزم قول الله جلّ وعزّ: وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الكهف: 47] ولم يقل: وحشروا، وبعده عُرِضُوا
لما لم يسمّ فاعله. فهذا مثل قراءة نافع ويوم نحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون والإمالة في قوله جلّ وعزّ:
إِلَى النَّارِ حسنة لأن الراء مكسورة وكسرتها بمنزلة كسرتين لأن فيها تكريرا. هذا قول الخليل وسيبويه «4» فحسن معها إمالة الألف للمجانسة. فأما قول من يقول: تمال الراء وتمال الدال فلا تخلو من إحدى جهتين من الخطأ والتساهل: لأن الإمالة إنما تقع على الألف لأنها حرف هوائي فيتهيأ فيه ما لا يتهيأ في غيره. ويقال: وزعته أزعه والأصل أوزعه فحذفت الواو وفتحت لأن فيه حرفا من حروف الحلق. قال الضحاك: