قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (64)
غير نصب بأعبد، والكسائي يذهب إلى أن التقدير: أن أعبد ثم حذف أن فرفع الفعل، وهو أحد قولي سيبويه «1» في أَعْبُدُ هذا، وقوله الآخر أنّ التقدير «أفغير الله أعبد فيما تأمروني» وهذا قول بيّن أي أفغير الله أعبد أنتم تأمرونّي، وفي هذا معنى في أمركم. والأخفش سعيد يقول: تأمرونني ملغى كما تقول: قال ذلك زيد بلغني. وهذا هو قول سيبويه بعينه فأما أن يكون الشيء يعمل نصبا فإذا حذف كان عمله أقوى فعمل رفعا فبين الخطأ، ولو أظهرت «أن» هاهنا لم يجز وكان تفريقا بين الصلة والموصول، والأصل: تأمرونني أدغمت النون في النون فأما «تأمروني» بنون واحدة مخفّفة فإنما يجيء مثله شاذّا في الشعر، وأبو عمرو بن العلاء رحمه الله يقول لحن، وقد أنشد سيبويه في مثله: [الوافر] 392-
ترعاه كالثّغام يعلّ مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني
«2» وسمعت علي بن سليمان يقول: كان النحويون من قبل يتعجّبون من فصاحة جرير وقوله على البديه إنهم يبدؤوني. فأما حذف الياء من «تأمروني» فسهل لأنّ النون كأنها عوض منها والكسرة دالّة عليها.
[سورة الزمر (39) : آية 65]
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (65)
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ قال محمد بن يزيد:
ليفسدنّ وذهب إلى أنّه من قولهم حبط بطنه يحبط وحبج يحبج إذا فسد من داء بعينه.
[سورة الزمر (39) : آية 66]
بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)
بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ قال أبو جعفر: في كتابي عن أبي إسحاق لفظ اسم الله جلّ وعزّ منصوب بأعبد، قال: ولا اختلاف في هذا عند البصريين والكوفيين. قال أبو جعفر:
وقد قال الفراء «3» : يكون نصبا بإضمار فعل لأنه أمر. فأمال الفاء فقال أبو إسحاق: إنها للمجازاة، وغيره يقول بأنها زائدة.
[سورة الزمر (39) : آية 67]
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قال محمد بن يزيد: أي عظّموه من قولك فلان عظيم