كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (?)
كَمْ في موضع نصب بأهلكنا. فَنادَوْا قال قتادة: فنادوا في غير نداء. قال أبو جعفر: ومعناه على قوله في غير نداء ينجي، كما قال الحسن: نادوا بالتوبة وليس حين توبة ولا ينفع العمل. وهذا تفسير من الحسن لقوله جلّ وعزّ وَلاتَ حِينَ مَناصٍ، قال ليس حين. فأما إسرائيل فيروى عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس وَلاتَ حِينَ مَناصٍ قال: ليس بحين نزو ولا فرار، قال ضبط القوم جميعا. قال أبو جعفر:
وأصله من ناص ينوص إذا تأخّر، ويقال: ناص ينوص إذا تقدّم. وأما «ولات حين» فقد تكلّم النحويون فيه وفي الوقوف عليه، وكثّر فيه أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب القراءات» ، وكلّ ما جاء به فيه إلّا يسيرا مردود. قال سيبويه «1» : لات مشبّهة بليس، والاسم فيها مضمر أي ليست أحياننا حين مناص، وحكي أنّ من العرب من يرفع بها فيقول وَلاتَ حِينَ مَناصٍ «2» ، وحكي أنّ الرفع قليل، ويكون الخبر محذوفا كما كان الاسم محذوفا في النصب أي ولات حين مناص لنا. والوقوف عليها عند سيبويه والفراء «3» ، وهو قول أبي الحسن بن كيسان وأبي إسحاق، ولات بالتاء ثم تبتدئ حين مناص. قال أبو الحسن بن كيسان: والقول كما قال سيبويه لأنه شبّهها بليس فكما تقول ليست تقول: لات. والوقوف عليها عند الكسائي بالهاء ولاه، وهو قول محمد ابن يزيد، كما حكى لنا عنه علي بن سليمان، وحكي عنه أنّ الحجّة في ذلك أنها «لا» دخلت عليها الهاء لتأنيث الكلمة، كما يقال: ثمّة وربّة. وأما أبو عبيد فقال: اختلف العلماء فيها فقال بعضهم: لات ثم تبتدئ فتقول: حين. ثم لم يذكر عن العلماء غير هذا القول وكلامه يوجب غير هذا ثم ذكر احتجاجهم بأنها في المصاحف كلّها كذا ثم قال: وهذه حجّة لولا أنّ ثمّ حججا تردّها ثم ذكر حججا لا يصحّ منها شيء، وسنذكرها إن شاء الله تعالى، ونبين ما يردّها. قال: والوقوف عندي بغير تاء ثم تبتدئ بحين مناص ثم ذكر الحجج فقال: إحداهنّ أنّا لم نجد في كلام العرب لات إنما هي «لا» . قال أبو جعفر: لو لم يكن في هذا من الردّ إلا اجتماع المصاحف على ما أنكره فكيف وقد روي خلاف ما قال جميع النحويين المذكورين من البصريين والكوفيين، فقال سيبويه: «لات» مشبهة بليس، وقال الفراء عن الكسائي أحسبه أنه سأل أبا السمّال فقال: كيف تقف على ولات؟ فوقف عليها بالهاء. قال أبو عبيد: والحجة الثانية أنّ تفسير ابن عباس يدلّ على ذلك لأن ابن عباس قال: ليس حين نزو ولا فرار. قال أبو جعفر: تفسير ابن عباس يدلّ على أن الصحيح غير قوله، ولو كان على قوله لقال ابن عباس ليس تحين مناص، ولم يرو هذا أحد. قال أبو عبيد: والحجة الثالثة أنّا لم نجد