جعفر: فاليمين وقعت على لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ قال الأخفش: فأنّث إحدى لتأنيث أمة فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً أي عن الحقّ.
اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43)
اسْتِكْباراً مفعول من أجله أي تكبّرا عن الحقّ. وَمَكْرَ السَّيِّئِ معطوف عليه.
قال سعيد عن قتادة: أي ومكر الشرك. قال أبو جعفر: أصل المكر السّيّئ في اللغة الكذب والخديعة بالباطل. وقرأ الأعمش وحمزة ومكر السّيئ ولا يحق المكر السيّئ إلا بأهله «1» فحذف الإعراب من الأول وأثبته في الثاني. قال أبو إسحاق: وهو لحن لا يجوز. قال أبو جعفر: وإنما صار لحنا لأنه حذف الإعراب منه، وزعم محمد بن يزيد: أن هذا لا يجوز في كلام ولا شعر، لأن حركات الإعراب لا يجوز حذفها لأنها دخلت للفروق بين المعاني. وقد أعظم بعض النحويين أن يكون الأعمش على جلالته ومحلّه يقرأ بهذا، وقال: إنما كان يقف عليه فغلط من ادّعى عنه قال: والدليل على هذا أنه تمام الكلام، وإن الثاني لمّا لم يكن تمام الكلام أعربه، والحركة في الثاني أثقل منها في الأول لأنها ضمة بين كسرتين. وقد احتجّ بعض النحويين لحمزة في هذا بقول سيبويه، وأنه أنشد هو وغيره: [الرجز] 355-
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم ... بالدوّ أمثال السّفين العوّم «2»
وقال الآخر: [السريع] 356-
فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل «3»
وهذا لا حجّة فيه لأن سيبويه لم يجزه وإنما حكاه بعض النحويين، والحديث إذا قيل فيه عن بعض العلماء لم يكن فيه حجّة فكيف وإنما جاء به على الشذوذ، وضرورة الشعر، قد خولف فيه. وزعم أبو إسحاق أن أبا العباس أنشده: [الرجز] 357-
إذا اعوججن قلت صاح قوّم «4»
وأنه أنشده «فاليوم فاشرب» بالفاء. فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ أي إنما ينظرون العقاب الذي نزل بالكفار الأولين فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا أي أجرى الله جلّ وعزّ العذاب على الكفار، وجعل ذلك سنّة فيهم فهو يعذب بمثله من