وأنشد «1» : [الخفيف] 352-

ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميت ميّت الأحياء

إنّما الميت من يعيش كئيبا ... كاسفا باله قليل الرّخاء

ويروى «قليل الرّجاء» قال: فهل ترى بين ميت وميت من فرق؟ وأنشد: [البسيط] 353-

هينون لينون أيسار بنو يسر ... سوّاس مكرمة أبناء أيسار «2»

قال: قد أجمعوا على أنّ قوله: هينون وهيّنون واحد، فكذا ميت وميّت وسيد وسيّد، قال: وزعم سيبويه أن قولهم كان كينونة وصار صيرورة الأصل فيه كينونة وصيرورة، وكذا قيدودة، وردّ محمد بن يزيد «3» على الكوفيين قولهم: إنه فعلول من جهتين: إحداهما لأنه ليس في كلام العرب فعلول والثانية أنه لو كان كما قالوا لكان بالواو. قال أبو جعفر: هذا كلام بيّن حسن في كينونة لأنها من الكون وفي القيدودة لأنها من الأقود. كَذلِكَ النُّشُورُ أي كذلك تحيون بعد ما متّم. من نشر الإنسان نشورا إذا حيي وأنشره الله جلّ وعزّ.

[سورة فاطر (35) : آية 10]

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ التقدير عند الفراء: من كان يريد علم العزّة، وكذا قال غيره من أهل العلم من كان يريد علم العزّة التي لا ذلة معها لأن العزّة إذا كانت تؤدّي إلى ذلّة فإنها هي تعرّض للذلة، والعزّة التي لا ذلّة معها لله جلّ وعزّ. جَمِيعاً على الحال. وقدر أبو إسحاق معناه: من كان يريد بعبادة الله جلّ وعزّ العزّة به فإن الله يعزّه في الآخرة والدنيا. إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ تمّ الكلام وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي إليه يصعد الكلام «4» والكلم جمع كلمة. وأهل التفسير ابن عباس ومجاهد والربيع ابن أنس وشهر بن حوشب وغيرهم قالوا: والمعنى العمل الصالح يرفع الكلم الطيّب.

وهذا رد على المرجئة. وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ رفع بالابتداء أو على إضمار فعل. فأما أن يكون مرفوعا بمعنى ويرفعه العمل الصالح فخطأ لأن الفاعل إذا كان قبل الفعل لم يرتفع بالفعل. هذا قول جميع النحويين إلّا شيئا حكاه لنا علي بن سليمان عن أحمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015