وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ مفعولان ولم ينصرف لقمان لأن في آخره ألفا ونونا زائدتين فأشبه فعلان الذي أنثاه فعلى فلم يصرف في المعرفة لأن ذلك ثقل ثان وانصرف في النكرة لأن أحد الثقلين زال. وزعم عكرمة أن لقمان كان نبيا وفي الحديث أنه كان حبشيا «1» . أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ فيه تقديران: أحدهما أن تكون «أن» بمعنى أي مفسرة أي قلنا له اشكر، والقول الآخر أنها في موضع نصب والفعل داخل في صلتها، كما حكى سيبويه: كتبت إليه أن قم إلا أن هذا الوجه بعيد. وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ جزم بالشرط، ويجوز الرفع على أن من بمعنى الذي.
وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)
وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ «إذ» في موضع نصب، والمعنى واذكر، وحكى أبو إسحاق في كتابه في القرآن أن «إذ» في موضع نصب بآياتنا وأن المعنى ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال. قال أبو جعفر: وأحسبه غلطا لأن في الكلام واوا تمنع من ذلك وأيضا فإن اسم لقمان مذكور بعد قال. يا بُنَيَّ «2» بكسر الياء لأنها دالّة على الياء المحذوفة ومن فتحها فلخفّة الفتحة عنده.
[سورة لقمان (31) : آية 16]
يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)
إِنَّها الكتابة عن القصة أو عن الفعلة أو بمعنى: إنّ التي سألتني عنها لأنه يروى أنه سأله، والبصريون يجيزون إنّها زيد ضربته، بمعنى أن القصة، والكوفيون لا يجيزون هذا إلّا في المؤنث إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ خبر «تك» واسمها مضمر فيها، واستبعد أبو حاتم أن يقرأ إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ «3» بالرفع. لأن مثقالا مذكّر فلا يجوز عنده إلا بالياء. قال أبو جعفر: وهذا جائز صحيح وهو محمول على المعنى لأن المعنى واحد، وهذا كثير في كلام العرب يقال: اجتمعت أهل القيامة لأن من كلامهم اجتمعت اليمامة، وزعم الفراء أن مثل الآية قول الشاعر:
339-
وتشرق بالقول الّذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم «4»
فأما وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ فمعترض بين كلام لقمان كما روى شعبة عن سماك ابن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قالت أم سعد لسعد: أليس قد أمر الله جلّ