وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)
لَدُنْ بمعنى عند إلّا أنّها مبنية غير معربة لأنها لا تتمكّن.
وقرأ المدنيون وأبو عمرو بشهاب قبس «1» وقرأ الكوفيون بِشِهابٍ قَبَسٍ فزعم الفراء «2» في ترك التنوين أنه بمنزلة قولهم: وَلَدارُ الْآخِرَةِ [يوسف: 109] يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلفت أسماؤه. قال أبو جعفر: إضافة الشيء إلى نفسه محال عند البصريين»
لأن معنى الإضافة في اللغة ضمّ شيء ليبيّن به معنى الملك والنوع فمحال أن يبيّن أنه مالك نفسه أو من نوعها. و «بشهاب قبس» إضافة النوع إلى الجسم كما تقول: هذا ثوب خزّ. والشهاب كلّ ذي نور، نحو الكوكب والعود الموقد. والقبس اسم لما يقتبس من جمر وما أشبه، فالمعنى: بشهاب من قبس. يقال:
قبست قبسا، والاسم قبس، كما تقول: قبض قبضا والاسم القبض، ومن قرأ «بشهاب قبس» جعله بدلا، ويجوز «بشهاب قبسا» في غير القرآن على أنه مصدر أو بيان أو حال. لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أصل الطاء تاء فأبدل منها طاء لأنّ الطاء مطبقة، والصاد مطبقة فكان الجمع بينهما حسنا.
فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (8)
قال أبو إسحاق «أن» في موضع نصب أي بأنه «قال» . ويجوز أن يكون في موضع رفع، جعلها اسم ما لم يسمّ فاعله. وحكى أبو حاتم: أن في قراءة أبيّ وابن عباس ومجاهد أن بوركت النار ومن حولها «4» ومثل هذا لا يوجد بإسناد صحيح، ولو صحّ لكان على التفسير، وقد روى سعيد عن قتادة «أن بورك من في النّار ومن حولها» قال: الملائكة. وحكى الكسائي عن العرب: باركك الله، وبارك فيك.
[سورة النمل (27) : آية 10]
وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)
فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ في موضع نصب على الحال. كَأَنَّها جَانٌّ والجانّ عند العرب الثعبان، وهو الحيّة العظيمة وَلَّى مُدْبِراً على الحال. وَلَمْ يُعَقِّبْ قال قتادة: أي لم