لأن هذا لا يجوز البتّة، ولو جاز ما قال لقيل في سبّوح: سبّيح، وهذا لا يقوله أحد.

وليس عتيّ من هذا، والفرق بينهما واضح بيّن لأنه ليس يخلو عتيّ من إحدى جهتين:

إما أن يكون جمع عات فيكون البدل فيه لازما لأن الجمع باب تغيير والواو لا تكون ظرفا في الأسماء وقبلها ضمة، فلما كان قبل هذه ساكن وقبل الساكن ضمة والساكن ليس بحاجز حصين أبدل من الضم كسرة وقلبت الواو ياء، وإن كان عتى واحدا كان بالواو أولى وكان قبلها لأنها طرف والواو في فعول ليست طرفا ولا يجوز قلبها. ومن احتجّ لحمزة بشيء مشبه قال: قد جاء مرّيق وهو فعّيل، والحق في هذا أن مرّيقا عجميّ، والذي حكى الفراء- من كسر الدال جائز على أن تبدل من الضمة كسرة.

يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ قرئ على أربعة أوجه «1» : قرأ الحسن وأبو عبد الرحمن السلمي ومجاهد وأبو جعفر وأبو عمرو بن العلاء توقّد من شجرة بفتح الدال يجعله فعلا ماضيا، وقرأ شيبة ونافع يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ وهاتان القراءتان متقاربتان لأنهما جميعا للمصباح، وهو أشبه بهذا الوصف لأنه الذي يبين ويضيء، وإنما الزجاجة وعاء له، فتوقّد فعل ماض من توقّد يتوقّد ويوقد فعل مستقبل من أوقد يوقد، وقرأ نصر ابن عاصم توقّد والأصل على قراءته تتوقّد وحذف إحدى التاءين لأن الأخرى تدلّ عليها. وقرأ الكوفيون توقد «2» وهاتان القراءتان على تأنيث الزجاجة وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ على تأنيث النار، وزعم أبو عبيد أنه لا يعرف إلّا هذه القراءة. وحكى أبو حاتم أنّ السّديّ روى عن أبي مالك عن ابن عباس أنه قرأ ولو لم يمسسه نار «3» بالياء.

قال محمد بن يزيد: التذكير على أنه تأنيث غير حقيقي، وكذا سبيل الموات عنده.

[سورة النور (24) : آية 36]

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (36)

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ قد ذكرناه «4» . وقيل المعنى صلّوا في بيوت. وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ «5» ، وكذا يروى عن الحسن، وقد ذكر سيبويه مثل هذا، وأنشد: [الطويل] 306-

ليبك يزيد ضارع لخصومة «6»

والتقدير: يسبّح له فيها رجال على إضمار هذا الفعل لأنه لما قال: يسبّح دلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015