وظهر التضعيف في الثاني، لأن لام الفعل من الثاني ساكنة ومن الأول متحركة وهما في موضع جزم جوابا. والتقدير عند المازني: قل للمؤمنين غضّوا يغضّوا وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ قال أبو العالية: أي حتى لا يراها أحد، وقال غيره: فحرّم الله على المسلمين أيضا أن يدخلوا حمّاما بغير مئزر، وأجمع المسلمون على أن السوأتين عورة من الرجل، وأن المرأة كلّها عورة إلّا وجهها ويديها فإنّهم اختلفوا فيهما، وقال أكثر العلماء في الرجل: من سرته إلى ركبته عورة لا يجوز أن ترى. إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ
اسم إن وخبرها. وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ويجوز وليضربن بكسر اللام وهو الأصل وحذفت الكسرة لثقلها. ويضربن في موضع جزم بالأمر إلّا أنه مبنيّ على حال وحدة اتباعا للماضي عند سيبويه. والمعنى: وليلصقن خمرهنّ وهنّ المقانع على جيوبهنّ لئلا تبدو صدورهنّ أو أعناقهنّ. والصحيح من قراءة الكوفيين عَلى جُيُوبِهِنَّ «1» كما يقرءون بُيُوتاً والنحويون القدماء لا يجيزون هذه القراءة، ويقولون: بيت وبيوت كفلس وفلوس. وقال أبو إسحاق: هي تجوز على أن تبدل من الضمة كسرة. فأما ما روي عن حمزة من الجمع بين الضمّ والكسر فمحال لا يقدر أحد أن ينطق به إلّا على الإيماء إلى ما لا يجوز. أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ وقرأ يزيد بن القعقاع وعاصم وابن عامر أو التابعين غير «2» بنصب غير على الاستثناء. قال أبو حاتم: على الحال والخفض على النعت، وإن كان الأول معرفة لأنه ليس بمقصود قصده، وإن شئت قلت: هو بدل ونظيره غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: 7] في الخفض والنصب جميعا أَوِ الطِّفْلِ بمعنى الأطفال، والدليل على ذلك نعته بالذين الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ وحكى الفراء أنّ لغة قيس «عورات» بفتح الواو، وهذا هو القياس لأنه ليس بنعت، كما تقول: جفنة وجفنات إلّا أن التسكين أجود في عورات وما أشبهه لأن الواو إذا تحرّكت وتحرّك ما قبلها قلبت ألفا، ولو فعل هذا لذهب المعنى وحكى الكسائي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ «3» بضم الهاء وهذه لغة شاذّة لا وجه لها لأن ها للتنبيه.
وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (32)
وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ جمع أيّم والأيّم عند أهل اللغة من لا زوج لها كانت بكرا أم ثيّبا. حكى ذلك أبو عمرو بن العلاء والكسائي وغيرهما. وذلك بيّن في قوله جلّ وعزّ: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ فلم يبح ثيّبا دون بكر. وحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «الأيّم أحقّ