فتشقيا لأن المعنى معروف، وآدم صلّى الله عليه وسلّم هو المخاطب والمقصود. قال الحسن: في قوله: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى قال: يعني شقاء الدنيا لا ترى ابن آدم إلّا ناصبا.
قال الفراء: هو أن يأكل من كدّ يديه.
إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (119)
قراءة أبي عمرو وأبي جعفر والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ عاصم ونافع وإنك «1» بكسر الهمزة. فالفتح على أن تكون «أنّ» اسما في موضع نصب عطفا على «أن» والمعنى: وإنّ لك أنّك لا تظمأ فيها، ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع، والمعنى: ذلك أنّك لا تظمأ فيها، والكسر على الاستئناف وعلى العطف على «إن لك» .
فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121)
قال الفراء «2» : وَطَفِقا.
في العربية أقبلا: وقيل: جعلا يلصقان عليهما الورق ورق التين.
وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى قلبت الياء ألفا لتحرّكها وتحرّك ما قبلها، ولهذا كتبه الكوفيون بالياء ليدلّوا على أصله.
[سورة طه (20) : آية 122]
ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (122)
ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ أي اختاره فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى أي وهداه للتوبة وروى حمّاد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قول الله جلّ وعزّ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال: عذاب القبر.
[سورة طه (20) : آية 128]
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (128)
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ أي يبيّن لهم، وهذه قراءة أبي عبد الرحمن وقتادة بالياء. وقد تكلّم النحويون فيه لأنه مشكل من أجل الفاعل ليهد. فقال بعضهم: «كم» الفاعل، وهذا خطأ لأن كم استفهام فلا يعمل فيها ما قبلها، وقال أبو إسحاق: المعنى: أفلم يهد لهم الأمر بإهلاكنا من أهلكنا. قال: وحقيقة «أفلم يهد لهم» أفلم يبيّن لهم بيانا يهتدون به لأنهم كانوا يمرّون على منازل عاد وثمود فلذلك قال جلّ وعزّ: يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ