أنّي «1» بفتح الهمزة بمعنى نودي «بأنّي» و «أنّ» في موضع نصب، ومن كسر فالمعنى عنده: قال إني.
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12)
وقرأ أهل المدينة وأهل البصرة بالواد المقدّس طوى «2» بغير تنوين، وقرأ أهل الكوفة طُوىً بالتنوين. قال أبو جعفر: الوجه ترك التنوين لأنه مثل «عمر» معدول، وهو معرفة، ويجوز أن يكون اسما للبقعة فلا ينصرف أيضا، ومن نوّن فزعم أبو إسحاق أنه يقدّره اسما للمكان غير معدول، مثل حطم وصرد. قال: ومن قال: طوى فصرف جعله كضلع، ومعى على أنه اسم للمكان، ويجوز ترك صرفه على أنه اسم للبقعة. قال أبو جعفر: من جعل طوى بمعنى ثنى نوّن لا غير، يأخذه من ثنيت الشيء ثنى أي قدّس مرّتين. وفي الحديث «لا ثنى في الصّدقة» «3» أي لا تثنى فتؤخذ مرّتين.
[سورة طه (20) : آية 13]
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (13)
قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم والكسائي وَأَنَا اخْتَرْتُكَ وقرأ سائر الكوفيين وإنّا اخترناك «4» والمعنى واحد إلّا أن «وأنا اخترتك» هاهنا أولى من جهتين: إحداهما أنه أشبه بالخطّ، والثانية أنه أولى بنسق الكلام لقوله جلّ وعزّ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ وعلى هذا النسق جرت المخاطبة.
[سورة طه (20) : آية 14]
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14)
وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي قال أبو إسحاق: فيه قولان يكون المعنى: أقم الصلاة لأن تذكرني فيها لأن الصلاة لا تكون إلّا بذكر، والقول الآخر: أقم الصلاة متى ذكرتها كان ذلك في وقت صلاة. قال أبو جعفر: وفيها قول ثالث يكون المعنى: أقم الصّلاة لأن أذكرك بالمدح. وقرأ أبو عبد الرحمن وأبو رجاء والشعبي أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «5» وفي هذه القراءة وجهان: أحدهما أن تكون هذه ألف التأنيث، والوجه الآخر أن تكون هذه الألف أبدلت من الياء، كما يقال: يا غلاما أقبل، وفعل ذلك لتتّفق رؤوس الآيات.
[سورة طه (20) : آية 15]
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (15)
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها آية مشكلة. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا شيئا مما قيل فيها. وعن سعيد بن جبير روايتان: إحداهما ما حدّثناه الحسن بن الفرج بغزّة قال: