تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63)
تَاللَّهِ التاء بدل من الواو وإنما يقال: تالله إذا كان في الكلام معنى التعجّب لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ وحذف المفعول أي رسلا فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ أي من الكفر والمعاصي فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ابتداء وخبر وتحذف الضمة لثقلها فيقال: فهو وليّهم أي هو معهم، وقيل: المعنى أنه يقال: لهم هذا الذي أطعتموه فاسألوه حتّى يخلّصكم تبكيتا لهم وتوبيخا.
[سورة النحل (16) : آية 64]
وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)
وَهُدىً وَرَحْمَةً مفعول من أجله. قال أبو إسحاق: ويجوز الرفع بمعنى وهو مع ذلك هدى ورحمة.
[سورة النحل (16) : آية 66]
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً أي لدلالة على قدرة الله جلّ وعزّ وحسن تدبيره.
نُسْقِيكُمْ بفتح النون قراءة عاصم وشيبة ونافع، نُسْقِيكُمْ بضم النون قراءة ابن كثير وأبي جعفر وأبي عمرو بن العلاء والكوفيين إلا عاصما. قال الخليل وسيبويه «1» رحمهما الله: سقيته ناولته فشرب، وأسقيته جعلت له سقيا، وقال أبو عبيدة: هما لغتان، قال أبو جعفر: سقيته يكون بمعنى عرّضته لأن يشرب، وأسقيته دعوت له بالسقيا، وأسقيته جعلت له سقيا، وأسقيته بمعنى سقيته عند أبي عبيدة فنسقيكم بالضم إلّا أنه حكي عن محمد بن يزيد أنه قال: نسقيكم بالفتح هاهنا أشبه بالمعنى. مِمَّا فِي بُطُونِهِ فذكّر فللنحويين في هذا أربعة أقوال: فمن أحسنها مذهب سيبويه أن العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد ثم ذكر الآية كأنه ذهب إلى أن الأنعام تذكّر وتؤنّث، وقال الكسائي: حكاه عنه الفراء «2» المعنى نسقيكم مما في بطون ما ذكرنا، وقال الفراء «3» : الأنعام والنعم واحد وهما جمعان فرجع إلى تذكير النعم وحكي عن العرب هذا نعم وارد، وحكى أبو عبيد عن الكسائي هذا القول وأنشد: [الرجز] 263-
أكلّ عام نعم تحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه «4»