فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (59)
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا في موضع رفع بالفعل. قَوْلًا مفعول. غَيْرَ الَّذِي نعت له. وقرأ الأعمش يَفْسُقُونَ «1» بكسر السين يقال: فسق يفسق فهو فاسق عن الشيء إذا خرج عنه، فإذا قلت: فاسق ولم تقل عن كذا فمعناه خارج عن طاعة الله جلّ وعزّ. وفي نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة: 58] كلام يغمض من العربية سنشرحه إن شاء الله فمن ذلك قول الخليل «2» رحمه الله: الأصل في جمع خطيئة أن تقول: خطاييء ثم قلب فقيل: خطاءي بهمزة بعدها ياء ثم تبدل من الياء ألفا بدلا لازما فتقول:
خطاءى وقد كان هذا البدل يجوز في غير هذا القول: عذارى إلّا أنه زعم هاهنا تخفيفا فلمّا اجتمعت ألفان بينهما همزة والهمزة من جنس الألف صرت كأنك قد جمعت بين ثلاث ألفات فأبدلت من الهمزة ياء فقلت: خطايا. وأمّا سيبويه «3» فمذهبه أنّ الأصل خطايىء مثل الأول ثم وجب عنده أن تهمز الياء كما همزتها في مدائن فتقول: خطائىء ولا تجتمع همزتان في كلمة فأبدلت من الثانية ياء فقلت: خطاءي ثم عملت كما عملت في الأول. وقال الفراء: خطايا جمع خطيّة بلا همز كما تقول: هديّة وهدايا قال: ولو جمعت خطيئة مهموزة لقلت خطاءيء. وقال الكسائي: لو جمعتها مهموزة لأدغمت الهمزة في الهمزة كما قلت دوابّ وقرأ مجاهد تغفر لكم خطاياكم فأنّث على الجماعة وقرأ الحسن وعاصم الجحدري تغفر لكم خطيئتكم والبيّن «نَغْفِرْ لَكُمْ» لأن بعده وَسَنَزِيدُ بالنون وخطاياكم اتباعا للسواد وإنّه على بابه.
[سورة البقرة (?) : آية 60]
وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)
وَإِذِ اسْتَسْقى كسرت الذال لالتقاء الساكنين و «إذ» غير معربة لأنها بمنزلة «في» أنها اسم لا تتمّ إلّا بما بعدها. فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً «اثنتا» في موضع رفع «فانفجرت» وعلامة الرفع فيها الألف وأعربت دون نظائرها لأن التثنية معربة أبدا لصحة معناها. عَيْناً نصب على البيان وقرأ مجاهد وطلحة وعيسى اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً «4» وهذه لغة بني تميم وهذا من لغتهم نادر لأن سبيلهم التخفيف، ولغة أهل الحجاز