فلم يجعلوه كأخواته. يعني ما يعمل عمله. قال: فجعلوه كليت. قال أبو إسحاق: ولم يتصرّف ليس لأنه ينفى بها المستقبل والحال والماضي فلم يحتجّ فيها إلى تصرّف. قال أبو جعفر: وسمعت محمد بن الوليد يقول: لمّا ضارعت «ما» منعت من التصريف.
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47)
وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال الكسائي: غلّ يغلّ من الشحناء، وغلّ يغلّ من الغلول، وأغلّ يغلّ من الخيانة، وقال غيره: معنى وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أزلنا عنهم الجهل والغضب وشهوة ما لا ينبغي حتى زال التحاسد. إِخْواناً على الحال.
[سورة الحجر (15) : آية 51]
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (51)
والتقدير: عن أصحاب ضيف إبراهيم ولهذا لم يكثّر ضيوف.
[سورة الحجر (15) : آية 53]
قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53)
قالُوا لا تَوْجَلْ ومن قال تأجل أبدل من الواو ألفا لأنها أخفّ، ومن قال: تيجل أبدل منها ياء لأنها أخفّ من الواو، ولغة بني تميم تيجل ليدلّوا على أنه من فعل، ويقال: فلان ييجل، بكسر الياء، وهذا شاذّ لأن الكسرة في الياء مستقلة ولكن فعل هذا لتنقلب الواو ياء.
[سورة الحجر (15) : آية 54]
قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54)
فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قراءة أكثر الناس، وقرأ نافع بكسر النون، وحكي عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله أنه قال: كسر النون لحن، يذهب إلى أنه لا يقال: أنتم تقوموا فيحذف نون الإعراب. قال أبو جعفر: قد أجاز سيبويه «1» والخليل مثل هذا. قال سيبويه: وقرأ بعض الموثوق بهم قالَ أَتُحاجُّونِّي [الأنعام: 80] وفَبِمَ تُبَشِّرُونَ وهي قراءة أهل المدينة «2» ، والأصل عند سيبويه: فبم تبشّرون بإدغام النون في النون ثم استثقل الإدغام فحذف إحدى النونين ولم يحذف نون الإعراب كما تأول أبو عمرو وإنما حذف النون الزائدة. وأنشد سيبويه: [الوافر] 260-
تراه كالثّغام يعلّ مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني «3»
وقال الآخر: [الوافر] 261-
أبالموت الّذي لا بدّ أنّي ... ملاق لا أباك تخوّفيني «4»