«ليسجننّه» في موضع الفاعل أي ظهر لهم أن يسجنوه، وقال محمد بن يزيد: هذا غلط لا يكون الفاعل جملة ولكن الفاعل ما دلّ عليه بدا أي بدا لهم بداء فحذف الفاعل لأن الفعل يدلّ عليه كما قال: [الوافر] 237-
وحقّ لمن أبو موسى أبوه ... يوفّقه الّذي نصب الجبالا «1»
والقول الثالث أن معنى «بدا له» في اللغة ظهر له ما لم يكن يعرفه فالمعنى ثم بدا لهم أي لم يكونوا يعرفونه وحذف هذا لأن في الكلام عليه دليلا وحذف أيضا القول أي قالوا ليسجننّه، وهذه النون للتوكيد، وكذا الخفيفة يوقف عليها بالألف نحو وَلَيَكُوناً [يوسف: 32] ليفرق بينهما، وقال أبو عبيد: يوقف عليها بالألف لأنها أشبهت التنوين في قولك: رأيت رجلا والتقدير فحسبوه.
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ تثنية فتى وهو من ذوات الياء وقولهم الفتوّة شاذّ. قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً والتقدير في النوم ثم حذف. نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ من ذوات الهمز فلذلك ثبتت الياء فيه ومن خفف: نبيّنا ومن أبدل منها قال نبِّنا فحذف الياء.
[سورة يوسف (12) : آية 40]
ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40)
ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ حذف المفعول الثاني للدلالة والمعنى سمّيتموها آلهة من عند أنفسكم. ما أَنْزَلَ اللَّهُ ذلك في كتاب. قال سعيد بن جبير مِنْ سُلْطانٍ أي من حجّة.
[سورة يوسف (12) : آية 41]
يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (41)
أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً حكى بعض أهل اللغة أنّ سقاه وأسقاه لغتان بمعنى واحد كما قال: [الوافر] 238-
سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال «2»