بإثبات الياء في الإدراج وحذفها في الوقف، وحكي أن أبيّا وابن مسعود رضي الله عنهما قرأ يوم يأتي «1» بإثبات الياء في الوقف والوصل، وقرأ الأعمش وحمزة يَوْمَ يَأْتِ «2» بغير ياء في الوقف والوصل. قال أبو جعفر: الوجه في هذا أن لا يوقف عليه وأن يوصل بالياء لأن جماعة من النحويين قالوا لا وجه لحذف الياء، ولا يجزم الشيء بغير جازم فأما الوقف بغير ياء ففيه قول الكسائي قال: لأن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم فحذف الياء كما يحذف الضمة، على أنّ أبا عبيد قد احتجّ بحذف الياء في الوقف والوصل بحجتين: إحداهما أنه زعم أنه رآه في الإمام الذي يقال له مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء، والحجة الأخرى أنه حكى أنها لغة هذيل يقولون: ما أدر. قال أبو جعفر: أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فشيء يرده عليه أكثر العلماء. قال مالك بن أنس رحمه الله: سألت عن مصحف عثمان رضي الله عنه، فقيل لي قد ذهب وأما الحجة بقولهم: ما أدر فلا حجّة فيه لأن هذا الحرف قد حكاه النحويون القدماء وذكروا علته، وأنه لا يقاس عليه والعلّة فيه عند سيبويه، وإن كان سيبويه حكى: لا أدري، كثرة الاستعمال، ومعنى كثرة الاستعمال أنه نفي لكل ما جهل، وأنشد الفراء في حذف الياء: [الرجز] 221-
كفّاك كفّ ما تليق درهما ... جودا وأخرى تعط بالسّيف الدّما «3»
لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ والأصل تتكلّم حذفت إحدى التاءين تخفيفا.
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا ابتداء فَفِي النَّارِ في موضع الخبر، وكذا لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ قال أبو العالية: الزفير من الصدر والشهيق من الحلق. قال أبو إسحاق: الزفير من شديد الأنين وقبيحه، والشهيق من الأنين المرتفع جدا. قال: وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق، والشهيق بمنزلة آخر صوت الحمار في النهيق.
[سورة هود (11) : آية 107]
خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (107)
خالِدِينَ فِيها نصب على الحال ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ في موضع نصب أي دوام السموات والأرض والتقدير وقت ذلك، إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ في موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الأول وقد ذكرنا معناه.