الدنيا خلقا ضعيفا وليس هم كذا يوم القيامة لأنهم يوم القيامة يخلقون للبقاء. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا غير هذا القول، استعجالهم على قول الأخفش والفراء بمعنى كاستعجالهم ثم حذف الكاف ونصب قال الفراء «1» : كما تقول: ضربت زيدا ضربك أي كضربك فأما مذهب الخليل وسيبويه «2» . وهو الحقّ فإنّ التقدير فيه ولو يعجّل الله للناس الشرّ تعجيلا مثل استعجالهم بالخير ثم حذف تعجيلا وأقام صفته مقامه ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه، مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، وحكى سيبويه «3» : زيد شرب الإبل، ولو جاز ما قال الأخفش والفراء لجاز: زيد الأسد أي كالأسد فهذا بيّن جدا.
قال أبو إسحاق: ويقرأ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ «4» وهي قراءة ابن عامر الشامي وهي قراءة حسنة لأنه متّصل بقوله جلّ وعزّ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ. قال الأخفش فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا مبتدأ قال ويَعْمَهُونَ أي يتحيّرون.
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (12)
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ في موضع نصب على الحال. أَوْ قاعِداً عطف على الموضع، والتقدير دعانا مضطجعا أو قاعدا أو قائما. كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا قال الأخفش: هي «أنّ» الثقيلة خفّفت كما قال: [الخفيف] 197-
وي كأن من يكن له نشب يحبب ... ومن يفتقر يعش عيش ضرّ «5»
[سورة يونس (10) : آية 14]
ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)
ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ. مفعولان لِنَنْظُرَ نصب بلام كي.
[سورة يونس (10) : آية 15]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا اسم ما لم يسمّ فاعله. قال أبو إسحاق بَيِّناتٍ نصب على الحال.