لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)
لِيُحِقَّ الْحَقَّ أي يحقّ وعده. وَيُبْطِلَ الْباطِلَ أي كيد الكافرين.
[سورة الأنفال (8) : آية 9]
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ لقلّتكم في العدد أي اذكر. فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي في موضع نصب أي بأني، وقرأ عيسى بن عمر (إنّي) «1» بمعنى: قال إني، وروي عن عاصم أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ كما تقول: فلس وأفلس. مُرْدِفِينَ «2» قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم والأعمش والكسائي وحمزة مُرْدِفِينَ بكسر الدال. قال سيبويه «3» : وقرأ بعضهم مُرْدِفِينَ «4» بفتح الراء وتشديد الدال وبعضهم مُرْدِفِينَ «5» بكسر الراء وبعضهم مُرْدِفِينَ «6» بضم الراء والدال مكسورة في القراءات الثلاث. «مردفين» بفتح الدال فيها تقديران: يكون في موضع نصب على الحال من «كم» في ممدكم أي أردف بهم المؤمنين وهذا مذهب مجاهد. قال مجاهد: أي ممدّين. قال أبو جعفر: ويجوز أن يكون «مردفين» في موضع خفض نعتا للألف «ومردفين» بكسر الدال، قال أبو عمرو: فيه أي أردف بعضهم بعضا، ورد أبو عبيد على أبي عمرو هذا القول وأنكر كسر الدال واحتجّ أن معنى أردف فلان فلانا جعله خلفه. قال: ولا نعلم هذا في صفة الملائكة يوم بدر وأنكر أن يكون أردف بمعنى ردف، قال لقول الله جلّ وعزّ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [النازعات: 7] ولم يقل المردفة. قال أبو جعفر: لا يلزم أبا عمرو هذا الرد ولا تتأوّل قوله على ما تأوّله أبو عبيد ولكن المعنى في مردفين قد تقدّم بعضهم بعضا. يقال:
ردفته وأردفته بمعنى تبعته وأتبعته. ولو كان كما قال أبو عبيد لكان معنى مردفين بفتح الدال مردفين خلفكم وإنما معنى مردفين في آثاركم أي اتبع بعضهم بعضا وهذا أقوى من قول من قال: مردف بهم المسلمون لأنّ ظاهر القرآن على خلافه والقراءة بمردفين أولى لأن أهل التأويل على هذه القراءة يفسّرون أي أردف بعضهم بعضا، وأما مردّفين فتقديره عند سيبويه:
مرتدفين ثم أدغم التاء في الدال فألقى حركتها على الراء لئلا يلتقي ساكنان ومن قال:
مردّفين كسر الراء «7» لالتقاء الساكنين ومن قال مردّفين بضم الراء قبلها ضمة كما تقول: ردّ يا هذا.