إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (29)
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ يقال: كيف يريد المؤمن هذا؟ ففي هذا قولان:
محمد بن يزيد: هذا مجاز لمّا كان المؤمن يريد الثواب ولا يبسط يده بالقتل كان بمنزلة من يريد هذا، والجواب الآخر أنه حقيقة لأنه لما قال له: لأقتلنّك استوجب النار بهذا فقد أراد الله تعالى أن يكون من أهل النار فعلى المؤمنين أن يريدوا ذلك فأما معنى بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فمن أحسن ما قيل فيه- وهو مذهب سيبويه «1» - أنّ المعنى بإثمنا لأن المصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول، وحكى سيبويه: المال بيني وبينك أي بيننا، وأنشد: [الوافر] 120-
فأيّي ما وأيّك كان شرّا «2»
أي فأيّنا، ويجوز أن يكون بإثمي بإثم قولك لي لأقتلنك، ويجوز أن يكون المعنى بإثم قتلي إن قتلتني. فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ عطف. وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ابتداء وخبر.
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)
وقرأ أبو واقد فطاوعت له نفسه «3» .
قال أبو جعفر: هذا بعيد لأنه إنما يقال: طاوعته نفسه.
فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ أي أحدث له شهوة في هذا لِيُرِيَهُ لام كي يكون لما آل أمره إلى هذا كان كأنه فعله ليريه، ويجوز أن يكون المعنى ليريه الله، وإن خفّفت الهمزة قلت: سوّة. يا وَيْلَتى «4» الأصل: يا ويلتي ثم أبدل من الياء ألفا. وقرأ الحسن يا ويلتي «5» بالياء. والأول أفصح لأن حذف الياء في النداء أكثر. ومذهب