المخاطب فلم يبق إلّا الضم. قال أبو جعفر: فهذه تسعة أجوبة، وأجاز الفرّاء آتيك بعد يا هذا، بالضم والتنوين وأنشد: [الطويل] 576-

ونحن قتلنا الأزد أزد شنوءة ... فما شربوا بعد على لذّة خمرا «1»

قال أبو جعفر: وهذا خارج عما جاء به القرآن وكلام العرب والمعقول لا حجّة له في البيت إن كان يعرف قائله لأنه بغير تنوين جائز عند أهل العلم بالعروض، كما أنشدوا: [الطويل] 577-

شاقتك أحداج سليمى بعاقل ... فعيناك للبين تجودان بالدّمع «2»

وأجاز أيضا رأيتك بعدا يا هذا. قال أبو جعفر: فهذا نظير. ذلك أن يكون أراد النكرة وأجاز هشام رأيتك بعد يا هذا، جعله منصوبا وأضمر المضاف إليه فكأنه زعم أن قد نطق به لما كان في النية، وزعم الفراء والأخفش: أنّ المعنى فمن يكذبك بعد بالدين. قال أبو جعفر: وهذا لا يعرج عليه، ولا تقع «ما» بمعنى «من» إلا في شذوذ، والمعنى هاهنا صحيح أي فما يحملك يا أيّها المكذب فأيّ شيء يحملك على التكذيب بعد ظهور البراهين والدلائل بالدين الذي جاء بخبره من أظهر البراهين.

[سورة التين (95) : آية 8]

أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8)

أي في تدبيره وصنعه لا يدخل دينك فساد ولا تفاوت، وليس كذا غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015