الطّغوى الطغيان واحد إلا أن عطاء الخراساني روى عن ابن عباس قال: بطغواها بعذابها، والطّغوى اسم العذاب. قال أبو جعفر: وهذا يصحّ على حذف أي بعذاب طغواها مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] .
إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (12)
حكى الفرّاء أنهما اثنان، وأنشد: [الطويل] 569-
ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد «1»
يريد أنه جعل خبر الاثنين، وشبهه بقولهم: هذان أفضل الناس، وهذان خير الناس. قال أبو جعفر: هذا الذي حكاه خلاف ما قال الله جلّ وعزّ، وقاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقاله أهل التأويل قال الله: أشقاها. فخبّر عن واحد فحكي أنهما اثنان وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: انتدب لها رجل، ولم يقل رجلان، وقال أهل التأويل انتدب لها قدار بن سالف. قال أبو جعفر: وله نظير أو أعظم منه في سورة الرّحمن.
[سورة الشمس (91) : آية 13]
فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (13)
أي احذروا ناقة الله. قال الفرّاء «2» : ولو قرأ قارئ «ناقة الله» بالرفع أي هذه ناقة الله لجاز. قال أبو جعفر: ولا يجوز الابتداع في القراءات.
[سورة الشمس (91) : آية 14]
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (14)
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها قال الفرّاء: أراد فعقروها فكذبوه. وهذا خطأ في الفاء لأنها تدلّ على أن ثانيا بعد الأول، وهذا عكس اللغة، ومع هذا فليست ثم حال يضطر إليه لأنهم كذّبوا صالحا بأن قال لهم: إن عقرتموها انتقم الله منكم فكذبوه في ما قال فعقروها، وقد قيل: «فكذبوه» كلام تام ثم عطف عليه فعقروها. قال أبو جعفر: وفي هذا من المشكل أن يقال: قد كانوا آمنوا وصدقوا، وجعلوا للناقة يوما ولهم يوما في الشرب فزعم الفرّاء «3» إن الجواب عن هذا أنهم أقروا به ولم يؤمنوا. وهذا القول الذي قاله مما لا يجب أن يجترأ عليه إلا برواية لأنه مغيّب، والرواية بخلافه. روى سعيد عن قتادة قال: توقّف أحيمر ثمود عن عقر الناقة حتى اجتمعوا كلّهم معه على تكذيب صالح صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم فلهذا عمّم الله بالعذاب فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ قال الفرّاء «4» : أي أرجف، وقال غيره: أي عذّبهم، فَسَوَّاها قال أبو جعفر: