«أكلّكم يرى الشّمس نصف النهار وليس في السماء سحابة؟» قالوا نعم. قال: «أفكلكم يرى القمر ليلة البدر وليس في السماء سحابة؟» قالوا: نعم. قال: «فو الذي نفسي بيده لترونّ ربكم جلّ وعزّ يوم القيامة لا تضارّون في رؤيته كما لا تضارون في رؤيتهما» قال أبو القاسم: وحدّثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة: ثنا الأعمش أخبرني خيثمة بن عبد الرّحمن عن عديّ بن حاتم الطائي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أحد منكم إلّا سيكلّمه ربه جلّ وعزّ ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب يحجبه فينظر أيمن منه فلا يرى إلّا شيئا قدمه ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلّا شيئا قدمه ثم ينظر أمامه فلا يرى شيئا إلّا النار فاتقوا النار ولو بشقّ تمرة» (?) لم يقل في هذا الحديث عن الأعمش: ولا حاجب يحجبه، إلا أبو أسامة وحده. ومن ذلك ما حدّثناه أحمد بن علي بن سهيل ثنا زهير يعني ابن حرب ثنا إسماعيل عن هشام الدستوائي عن قتادة عن صفوان بن محرّر قال:
قال رجل لابن عمر: كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في النجوى؟ قال: سمعته يقول: «يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه جلّ وعزّ حتى يضع عليه كنفه فيقرّره بذنوبه فيقول: هل تعرف فيقول: ربّ أعرف قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم- قال فيعطى صحيفة حسابه وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على الله» (?) . قال أبو جعفر: وهذا الباب عن أنس وعن أبي رزين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه عن الصحابة رضي الله عنهم منهم أبو بكر الصديق وحذيفة عن التابعين إلا إنّا كرهنا الإطالة إذ كان ما ذكرناه من الحديث كفاية. وقد حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام سمعت محمد بن يحيى النيسابوري يقول:
السّنّة عندنا وهو قول أئمتنا مالك بن أنس وأبي عبد الرّحمن بن عمر، والأوزاعي وسفيان بن سعيد الثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وأحمد بن حنبل وعليه عهدنا أهل العلم أنّ الله جلّ وعزّ يرى في الآخرة بالأبصار يراه أهل الجنة، فأما سواهم من بني آدم فلا قال: والحجة في ذلك أحاديث مأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قيل له: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة وذكر الحديث. قال محمد بن يحيى: وإن الإيمان بهذه الأحاديث المأثورة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في رؤية الربّ في القيامة والقدر والشفاعة وعذاب القبر والحوض والميزان والدّجال والرجم ونزول الربّ تبارك وتعالى في كلّ ليلة بعد النصف أو الثلث الباقي والحساب والنار والجنة أنّهما مخلوقتان غير فانيتين، وأنه ليس أحد سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان يترجم له ونحوها من الأحاديث،