وإنما أخبر بحقيقة ما يعلمه، وقد عكس الفراء (?) قوله فاختار النصب لأن المعنى عنده عليه أولى لأنه يستبعد وأقلّ من نصفه: لأنه إنما يبين القليل عنده لا أقلّ القليل، ولو كان كما قال لكان نصفه بغير واو حتى يكون تبيينا لأدنى، والسلامة من هذا عند أهل الدين إذا صحّت القراءتان عن الجماعة أن لا يقال إحداهما أجود من الأخرى لأنهما جميعا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيأثم من قال ذلك. وكان رؤساء الصحابة رحمهم الله ينكرون مثل هذا وقد أجاز الفراء (?) . إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ نصب «ثلثه» عطفا على «أدنى» وخفض نِصْفَهُ عطفا على ثُلُثَيِ اللَّيْلِ واحتجّ بالحديث:
انتهت صلاة النبي إلى ثلث الليل (?) وهذا أيضا مما يكره أن تعارض به قراءة الجماعة بما لم يقرأ به وبحديث إن صح لم تكن فيه حجّة وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ احتجّ بعض العلماء بهذا واستدل على أن صلاة الليل ليست بفرض. قال: ولو كانت فرضا لقاموا كلّهم. وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ أي يقدّر ساعاتهما وأوقاتهما عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ قال الحسن وسعيد بن جبير: أن لن تطيقوه، وقال الفراء: أن لن تحفظوه فَتابَ عَلَيْكُمْ رجع لكم إلى ما هو أسهل عليكم. والتوبة في اللغة الرجوع فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى والتقدير عند سيبويه أنّثه وذكّر سيكون لأنه تأنيث غير حقيقي وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عطف على «مرضى» وكذا وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ فلهذا استحبّ جماعة من العلماء من العلماء قيام الليل، ولو كان أدنى شيء والحديث فيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤكد. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قال ابن زيد: النوافل سوى الزكاة. وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً أي مما أنفقتم ونصبت «خيرا» لأنه خبر «تجدوه» وهُوَ زائدة للفصل وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ أي من ذنوبكم وتقصيركم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ أي على سائر عقوبة من تاب رَحِيمٌ به لا يعذّبه بعد التّوبة.