وياء، وقال أصحّ من هذا قول الفراء «1» قال: لم تعرب حروف المعجم لأنك إنما أردت تعليم الهجاء. قال أبو جعفر: وهذا قول صحيح لأنك إذا أردت تعليم الهجاء لم يجز أن تزيد الإعراب فيزول ذلك عن معنى الهجاء إلا أن تنعت أو تعطف فتعرب. ومن بيّن النون قال: سبيل حروف الهجاء أن يوقف عليها، وأيضا فإن النون بعيدة المخرج من الواو فأشبهت حروف الحلق، ولهذا لم يقرأ أحد بتبيين النون في «كهيعص» لقرب الصاد من النون فأدغمها الكسائي لأنه بنى الكلام على الوصل، ومن أدغم بغنّة أراد ألا يزيل رسم النون، ومن حذف الغنة قال المدغم قد صار حكمه حكم ما أدغم فيه، ومن قرأ «نون والقلم» كسر لالتقاء الساكنين. قال أبو حاتم: أضمر واو القسم. وإن جمعت نون قلت:
نونات على أنه حرف هجاء، فإن جمعته على أنه اسم للحوت قلت في الجمع الكثير:
نينان، وفي القليل: أنوان، ويجوز نونة مثل كوز وكوزة وَالْقَلَمِ خفض بواو القسم، وهو القلم الذي يكتب به غير أن التوقيف جاء أنه القلم الذي كتب به في اللّوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة روى ذلك القاسم بن أبي بزّة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعاوية بن قرّة عن أبيه يرفعه وَما يَسْطُرُونَ واو عطف لا واو قسم، وما والفعل مصدر، ويجوز أن يكون بمعنى الذي، وجواب القسم ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ أي ما أنت بما أنعم الله عليك من العقل والفهم إذا كان أعقل أهل زمانه بِمَجْنُونٍ، وهو المستور العقل. ومن هذا جنّ عليه الليل وأجنّه، ومنه قيل: جنين وللقبر جنن وللترس مجنّ. قال عمر بن أبي ربيعة: [الطويل] 496-
وكان مجنّي دون من كنت أتّقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر «2»
وقيل: جنّ لأنهم مستترون عن أعين الناس مسموع من العرب على غير قياس:
أجنّ فهو مجنون، والقياس مجنّ. قال أبو جعفر: وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد أنه كان يذهب إلى القياس في هذا كأنه يقال: مجنون من جنّ.
وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)
وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً أي على أداء الرسالة غَيْرَ مَمْنُونٍ قيل: لا يمنّ به عليك وقيل:
غير مقطوع.