الحلال مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ جواب وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ عطف على موضع الفاء لا على ما بعد الفاء، وقرأ الحسن وابن محيصن وأبو عمرو وأكون (?) بالنصب عطفا على ما بعد الفاء وقد حكي أنّ ذلك في قراءة أبيّ وابن مسعود كذا وأكون إلّا أنه مخالف للسواد الذي قامت به الحجّة، وقد احتج بعضهم فقال: الواو تحذف من مثل هذا كما يقال: «كلمن» فتكتب بغير واو.
وحكي عن محمد بن يزيد معارضة هذا القول بأن الدليل على أنه ليس بصحيح أنّ كتب المصحف في نظيره على غير ذلك نحو يكون وتكون ونكون كلها بالواو في موضع الرفع والنصب ولا يجوز غير ذلك، وقال غيره: حكم «كلمن» غير هذا لأنه إنما حذف منه الواو لأنهم إنما أرادوا أن يروا أن صورة الواو متصلة فلما تقدّمت في «هوّز» لم تحتج إلى إعادتها وكذلك لم يكتبوها في قولهم «أبجد» فأما في الكلام فلا يجوز من هذا شيء، ولا يحتاج إليه لأن العطف على الموضع موجود في كلام العرب كثير. قال سيبويه: لو لم تكن الفاء لكان مجزوما يعني لأنه جواب الاستفهام الذي فيه معنى التمني، كما قال أنشد غير سيبويه: [الوافر] 489-
فأبلوني بليّتكم لعلّي ... أصالحكم وأستدرج نويّا
(?) وأنشد سيبويه في العطف على الموضع: [الطويل] 490-
فإن لم تجد من دون عدنان والدا ... ودون معدّ فلتزعك العواذل
(?) لأن معنى من دون عدنان دون عدنان، وأنشد: [الوافر] 491-
معاوي إنّنا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا