وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36)
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ أي قبل مشركي قريش الذين كذّبوك. هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً المهلكون أشد من الذين كذّبوك. منصوب على البيان فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أثّروا وحقيقته في اللغة طوّفوا وتوغّلوا.
هَلْ مِنْ مَحِيصٍ قال الفراء: أي فهل كان لهم من الموت من محيص، وحذف كان للدلالة وقراءة يحيى بن يعمر فَنَقَّبُوا شاذّة خارجة عن الجماعة وهي على التهديد.
[سورة ق (50) : آية 37]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى أي إن في إهلاكنا القرون التي أهلكناها وقصصنا خبرها.
لَذِكْرى يتذكّر بها من كان له قلب يعقل به أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ أي أصغى. وَهُوَ شَهِيدٌ متفهّم غير ساه، والجملة في موضع نصب على الحال.
[سورة ق (50) : آية 38]
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (38)
أثبت الهاء في ستة لأنه عدد لمذكر، وفرقت بينه وبين المؤنث. ومعنى يوم:
وقت فلذلك ذكر قبل خلق النهار وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ من لغب يلغب ويلغب إذا تعب.
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (40)
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فأنا لهم بالمرصاد وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ قال أهل التفسير: يعني به اليهود لأنهم قالوا استراح يوم السبت، قال جلّ وعزّ: فاصبر على ما يقولون فأنا لهم بالمرصاد وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ حمله أهل التفسير على معنى الصلاة، وكذا وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ قال ابن زيد: العتمة. وقال مجاهد: الليل كلّه. قيل: يعني المغرب والعشاء الآخرة. قال:
وهذا أولى لعموم الليل في ظاهر الآية وَأَدْبارَ السُّجُودِ «1» فيه قولان: قال ابن زيد:
النوافل. قال: وهذا قول بيّن لأن الآية عامة فهي على العموم إلّا أن يقع دليل غير أن حجّة الجماعة جاءت لأن معنى وَأَدْبارَ السُّجُودِ ركعتان بعد المغرب. قال ذلك عمر وعلي والحسن بن عليّ وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، ومن التابعين الحسن ومجاهد والشّعبيّ وقتادة والضحاك، وبعض المحدثين يرفع حديث علي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (وإدبار السجود) قال: «ركعتان بعد المغرب» . وقرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي