نصب أي جهرا كجهر بعضكم لبعض. أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ «أن» في موضع نصب فقال بعض أهل اللغة: أي لئلا تحبط أعمالكم، وهذا قول ضعيف إذا تدبّر علم أنه خطأ، والقول ما قاله أبو إسحاق هو غامض في العربية قال: المعنى لأن تحبط وهو عنده مثل: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص: 8] . وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ قيل: أي لا تشعرون أنّ أعمالكم قد حبطت.
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ اسم إنّ، ويجوز أن يكون الخبر أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ويكون «أولئك» مبتدأ، و «الذين» خبره، ويجوز أن يكون الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى خبر إنّ و «أولئك» نعتا للذين، ويجوز أن يكون خبر إنّ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ.
[سورة الحجرات (49) : آية 4]
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4)
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ اسم «إنّ» والخبر أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ويجوز أن تنصب أكثرهم على البدل من الذين وقرأ يزيد بن القعقاع الْحُجُراتِ بفتح الجيم. وقد ردّه أبو عبيد على أنه جمع الجمع على التكثير. جمع حجرة على حجر ثمّ جمع حجرا على حجرات. قال أبو جعفر: وهذا خلاف قول الخليل وسيبويه، ومذهبهما أنه يقال: حجرة وحجرات وغرفة وغرفات فتزاد منها فتحة فيقال: حجرات وركبات وتحذف فيقال: حجرات وركبات، كما يقال: عضد عضد. وروى الضحاك عن ابن عباس: إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات إعراب من بني تميم منهم عيينة ابن حصن صاحوا ألا تخرج إلينا يا محمد، اخرج إلينا يا محمد. أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ما في هذا من القبح.
[سورة الحجرات (49) : آية 5]
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا أي عند النداء حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً أي لكان الصبر خيرا لهم، ودلّ صبروا على المضمر. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ غفر لهم ورحمهم لأنهم لم يقصدوا بهذا استخفافا، وإنما كان منهم سوء أدب.