يعرف، ولو عرف لما كان قوله حجّة، إلّا بدليل وبرهان. والحجّة في هذا قول من يعرف ويقتدى به. إن الكره والكره لغتان بمعنى واحد بل قد روي عن محمد بن يزيد أنه قال: الكره أولى لأنه المصدر بعينه. وقد حكى الخليل وسيبويه رحمهما الله أنّ كلّ فعل ثلاثي فمصدره فعل، واستدلّا على ذلك أنك إذا رددته إلى المرة الواحدة جاء مفتوحا نحو قام قومة، وذهب ذهبة، فإذا قلت: ذهب ذهابا فإنما هو عندهما اسم للمصدر لا مصدر، وكذلك الكره اسم للمصدر والكره المصدر. وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً التقدير: وقت حمله مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] وقرأ أبو رجاء وعاصم الجحدريّ وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ «1» فرويت عن الحسن بن أبي الحسن واحتجّ أبو عبيد للقراءة الأولى بالحديث «لا رضاع بعد فصال» «2» وأبين من هذه الحجّة أنّ فصالا مصدر مثل قتال. وهذا الفعل من اثنين لأن المرأة والصّبيّ كل واحد منهما ينفصل من صاحبه فهذا مثل القتال، وإن كان قد يقال: فصله فصلا وفصالا. حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ جمع شدّة عند سيبويه مثل نعمة. وقد ذكرناه «3» بأكثر من هذا.

إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الأصل إنّني حذفت النون لاجتماع النونات.

[سورة الأحقاف (46) : آية 16]

أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (16)

أولئك الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ بالنون وكذا «نتجاوز» بالنون أنها أخبار من الله جلّ وعزّ عن نفسه وإنما اختار هذه القراءة لقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ وقرأ الباقون يتقبّل بالياء، وكذا يتجاوز على ما لم يسمّ فاعله وأَحْسَنَ ما عَمِلُوا ومن قرأ بالنون نصب أحسن لأنه مفعول به. وَعْدَ الصِّدْقِ منصوب على المصدر.

[سورة الأحقاف (46) : آية 17]

وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)

وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما قال الفراء «4» : أي قذرا لكما. وقد ذكرنا «5» ما في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015