آخرين قالوا: لا تضارّون بتشديد الراء ولا تضامّون بتشديد الميم مع ضم التاء. قال: وقال بعضهم بفتح التاء وبتشديد الراء والميم على معنى تتضارّون وتتضامّون. وتفسير هذا أنّه لا يضارّ بعضكم بعضا أي لا يخالف بعضكم بعضا في ذلك. يقال: ضاررت الرجل أضارّه مضارّة وضرارا إذا خالفته. ومعنى لا تضامّون في رؤيته، لا ينضمّ بعضكم إلى بعض فيقول واحد للآخر أرينه، كما يفعلون عند النظر إلى الهلال.
هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ «ينطق» في موضع نصب على الحال، ويجوز أن يكون في موضع رفع على خبر هذا و «كتابنا» بدل من هذا.
[سورة الجاثية (45) : آية 30]
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)
الَّذِينَ في موضع رفع بالابتداء وخبره فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ.
[سورة الجاثية (45) : آية 31]
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31)
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا الَّذِينَ في موضع رفع أيضا، وحذف القول كما يحذف في كلام العرب كثيرا، فلما حذف حذفت الفاء معه لأنها تابعة له فَاسْتَكْبَرْتُمْ الاستكبار في اللغة الأنفة من اتّباع الحقّ وقد بيّن الله جلّ وعزّ على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم حين سئل ما الكبر؟ كما قرئ على إسحاق بن إبراهيم بن يونس عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب عن هشام عن محمد عن أبي هريرة «أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكان رجلا جميلا فقال: يا رسول الله حبّب إليّ الجمال وأعطيت منه ما ترى حتّى ما أحبّ أن يفوقني أحد. إما قال: بشراك نعل وإمّا قال:
بشسع أفمن الكبر ذلك؟ قال: لا ولكن الكبر من بطر الحقّ وغمص الناس» «1» قال إسحاق:
وحدّثنا الوليد بن شجاع قال: حدّثنا عطاء بن مسلم الخفّاف عن محمد عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يحشر المتكبّرون- أحسبه قال- في صور الذرّ» ؟ «2» قال إسحاق: وحدّثنا محمد بن بكار قال: حدّثنا إسماعيل- يعني ابن عليّة- عن عطاء بن السائب عن الأغرّ عن أبي هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال جلّ وعزّ: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في جهنّم» «3» .