وقال قوم: إذا لم يجز في الاستثناء لفظ الإيجاب لم يجز البدل، فيقولون:
ما أتاني إلا زيد، على البدل، لأنه يجوز: أتاني القوم إلا زيدا، ولا يقولون:
ما أتاني أحد إلا زيد، لأنه لا يجوز: أتاني أحد.
قال أبو سعيد: ولأنه قد أحاط العلم: إنا إذا قلنا: ما أتاني أحد، فقد دخل فيه القوم وغيرهم، فإنما ذكر بعض ما اشتمل عليه أحدهما يستثنى بعضه.
وقد (?) احتج عليهم سيبويه ببعض ما ذكرناه، بأن قال: كان ينبغي إن قال ذلك أن يقول: ما أتاني أحد إلا وقد قال ذاك إلا زيدا، والصواب في ذلك نصب «زيد» و، ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا لأنك لما قلت:
ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك، صار الكلام موجبا لما استثنى من المنفي، فكأنه قال: كلهم قالوا ذاك، فاستثنى «زيدا» من شيء موجب في الحكم، فنصب، وإنما ذكر هذا لأنه ألزم القائل بما ذكر من جواز:
ما أتاني أحد إلا زيد، ومنع: ما أتاني القوم إلا زيد، فإن قال:
/ إن كان يوجب النصب لأن الذي قيل «إلا» جمع، فقد قال الله تعالى:
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) (?) بعد الجمع، وإن كان جواز الرفع والبدل لأن الذي قبل «إلا» واحد، فينبغي أن يجيزوا الرفع في قولهم:
ما أتاني إلا أحد إلا قد قال ذاك إلا زيد، فالواجب فيه النصب، وإنما ألجأهم سيبويه، إلا أن يقولوا: الذي يوجب البدل أن يكون ما قبل «إلا» نفيا فقط، جمعا كان أو واحدا.