فإن قلت: فإن معنى قوله: (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) «1» : ما في صدورهم إلا كبر. وإذ لم يكن في صدورهم إلا كبر، قلت: المعنى: ما هم ببالغي ما في صدورهم فقد قلت: إن المعنى: ما هم ببالغي ما في الكبر لأن في صدورهم الكبر لا غير.
فالقول في ذلك: إن هذا على الاتساع، وتكثير «الكبر» لا يمتنع أن يكون في صدورهم غيره، ألا ترى أنك قد تقول للرجل: ما أنت إلا سير، وما أنت إلا شرب الإبل وإذا كان كذلك كان المعنى: إن في صدورهم إلا كبر، ما هم ببالغي ما في صدورهم، ويكون المعنى بقوله «ما في صدورهم» :
ما كانوا يجادلونه من أمر النبي، صلى الله عليه وعلى آله. كقوله تعالى:
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) (?) ، فمعنى (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) «3» ما هم ببالغي ما يرونه من توهين أمره وتنفير الناس عنه وصدهم عن الدين.
قال أبو عثمان المازني: ولا يضاف «ضارب» إلى فاعله، لأنك لا تضيفه إليه مضمرا، وكذلك لا تضيفه إليه مظهرا.
قال: وجازت إضافة المصدر إلى الفاعل مظهراً لما جازت إضافته إليه مضمرا. وكأن أبا عثمان إنما اعتبر في هذا الباب المضمر فقدمه وحمل عليه المظهر، / من مثل أن المضمر أقوى حكما في باب الإضافة من المظهر، وذلك أن المضمر أشبه بما تحذفه الإضافة، وهو التنوين، من