هذا باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية فمن ذلك قوله تعالى: (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (?) . وأجمعوا، غير ابن عباس، أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، خلافا له، فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (?) ، أي: يديهما.
ومن ذلك قوله: (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (?) ، أي: قلباكما.
مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استغناء بالمضاف إليه، وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة، ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى، لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية.
وقالوا: كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع، كقولك: ضربت رءوس الزيدين، وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من «رأسيهما» ، كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ، فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع، / لأن التثنية جمع في المعنى، لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ، فهو يقع على القليل والكثير، وأنشدوا:
ومهمهين قذفين مرتين ... ظهراهما مثل ظهور التّرسين (?)