ولكنني من حبها لعميد (?)
وهذا حديث يطول، وفيما ذكرناه كفاية.
فأما قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) «2» فإن قوماً من النحويين أنكروا أن يدخل الصلة قسم، كما ذهب إليه أبو عثمان لأن الفراء حكى ذلك، وقال: فاحتججنا عليه بقوله: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) «3» بهذا ما أشار إليه في كتاب «الأخبار» في قوله: (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) (?) وكان الوجه الذي ذهبوا لأجله إلى ذلك القسم جملة ليس لها بالصلة ولا بالموصول التباس، فإذا لم يلتبس لم يجب أن يفصل بها، ألا ترى أن: والله ولعمرك، ونحوهما في نحو «الذي» والله، لا تعلق له بالموصول، / فلما رأوه كذلك لم يجيزوا، والجواب عن ذلك أنه ينبغي أن يجوز من وجهين:
أحدهما: أن القسم بمنزلة الشرط والجزاء، وكما يجوز أن يخلو الشرط مما يعود إلى الموصول، إذا عاد إليه من الجزاء، كذلك يجوز أن يخلو القسم من الراجع.
والوجه الآخر: أن القسم تأكيد وتسديد ل «ما» الصلة، وإذا جاز الفصل فيها والاعتراض من حيث كان تسديداً للقصة، نحو قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) (?) فالفصل بين القسم وبينه أجدر وأقيس، لما ذكرناه من شبهه بالجزاء والشرط، مع أن فيه ما ذكرناه من تسديد القصة، فهذا وجه الجواز.