وأما قوله في: (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (?) : لا يتعلق الباء ب «عطاؤنا» / للفصل، ولا ب «أمسك» لأنه لا يقال: أمسكت بغير حساب، إنما يقال: أعطيت بغير حساب، فهو إذاً متعلق ب «امنن» ، ويكون معناه: أنه مخير بين أن يعطي كثيراً وأن يمسك، وكأن معنى «امنن» أعط، لما كان مناً وتفضلاً على المعطى، قيل: «امنن» ، والمراد: أعط.

ومثله في جعل «المن» عطاء قوله تعالى: و (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (?) ، كأنه:

لا تعط مستكثراً، أي: لا تعط لتأخذ أكثر منه.

ومثله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ) (?) .

وتقدير «تستكثر» : أي: مقدراً فيه الاستكثار، وجزم «تستكثر» على هذا يبعد في المعنى، لأنه يصير: إن لا تمنن تستكثر، وليس المعنى على هذا.

وقد أجاز أبو الحسن نحواً من هذا اللفظ، وإن لم يكن المعنى عليه.

وأما قوله تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ) (?) ، ف «الذين» جر، عطف على «المؤمنين» ، أو نصب، عطف على «المطوعين» . فالظرف. أعني «في الصدقات» . متعلق ب «مطوعين» أو «يلمزون» ، أي: ويعيبون في إخراج الصدقات لقلتها، ولا يكون «الذين يلمزون» ، بدلاً من «من» في قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) (?) ، لأن هؤلاء غيرهم ... (?) في وضع الصدقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015