فأما قولنا أطنب وأسهب، فقوله عز من قائل: (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) (?) ولو قال: ولتأت طائفة أخرى (?) لم يصلوا فليصلوا معك، كان حسناً أيضاً، لكنها وصفت بقوله (أُخْرى) (?) إطنابا في الكلام، كما قال: (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (?) وقال: (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (?) وقال:
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) (?) .
وقال: (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (?) فيمن رفع، لأن المعنى:
لهم عذاب أليم من عذاب لأن الرجز: العذاب، بدلالة قوله: (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) (?) وقوله تعالى: (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) (?) وقال: (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ) (?) وفي موضوع آخر: (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ) (?) .
قال أبو علي: ومن قال: لهم عذاب من رجز أليم، فرفع «أليماً» كان المعنى: لهم عذاب أليم من عذاب. وليست فائدته كذلك.
فالقول في ذلك أمران:
أحدهما أن الصفة قد تجيء على وجه التأكيد، كما أن الحال قد تجىء كذلك في قوله تعالى: (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (?) .