هذا باب ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقديم خبر المبتدأ وإنما ذكرنا هذا الباب لأن أبا علي خيل إلى عضد الدولة أنه استنبط من الشعر ما يدل على جواز ذلك فقال:
ومما يدل على جواز تقديم خبر المبتدأ على المبتدأ قول الشماخ:
كلا يومي طوالة وصل أروى ... ظنون آن مطرح الظّنون (?)
قال: ف «وصل أروى» مبتدأ، و «ظنون» خبره. و «كلا» ظرف لظنون. والتقدير فيه: كلا يومي مشهد طوالة، كأنها رباب بها في اليومين، كقول جرير:
كلا يومي أمامة يوم صدٍ ... وإنْ لم تأتها إلاَّ لماما
المعنى: كلا يومي زيارة أمامة يوم صد. أي: إن زرناها لماما أو دراكا صدت عنا كلا يومي زيارتها.
ولو كان أبو الحسن حاضراً لم يستدل بقول الشماخ، وإنما يتبرك بقوله عزّ من قائل: (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (?) ألا ترى أن «هم» مبتدأ و «يوقنون» في موضع خبره، والجار، من صلة (يُوقِنُونَ) وقدمه على المبتدأ.
ومثله: (وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (?) أي: هم خالدون فى النار.