قال أبو علي (?) في قوله تعالى: (بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) «2» في سورة الأحقاف في قراءة الكوفيين «إحساناً» منصوب بمضمر يدل عليه ما قبله، وهو قوله (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) «3» كأنه لما قال: (أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (?) قال: وقلنا لهم أحسنوا بالوالدين إحساناً.

كما قال: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) «5» ، فالجار يتعلق بالفعل المضمر، ولا يجوز أن يتعلق بالمصدر، لأن ما يتعلق بالمصدر لا يتقدم عليه.

و «أحسن» «6» يوصل بالباء كما يوصل بإلى، يدلك على ذلك قوله تعالى:

(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) (?) فعداه بالباء كما تعدى بإلى في قوله تعالى: (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (?) . والتقدير أنه لما قال: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) وكان هذا الكلام قولا، صار كأنه: وقلنا: أحسن أيها/ الإنسان بالوالدين إحسانا.

ووجه من قرأ في الأحقاف: (بوالديه حسناً) أن يكون أراد بالحسن الإحسان، فحذف المصدر ورده إلى الأصل، كما قال الشاعر:

فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يهلك فذلك كان قدرى

أي: تقديرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015