وقال مجاهد: المحكم ما لم تشتبه معانيه، والمتشابه ما اشتبهت معانيه، نحو (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى).
وقال محمد بن جعفر بن الزبير: الحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدا، والمتشابه ما يحتمل أوجهًا.
وقال ابن زيد: المحكم الذي لم يتكرّر لفظه، والمتشابه ما تكرر لفظه.
قال جابر بن عبد الله: المحكم ما يعلم تعيين تأويله، والمتشابه ما لا يُعلم تعيين تأويله نحو (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا).
فهذه خمسة أقوال للعلماء.
ويقال: ما معنى (فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)؟
والجواب: أنّهم يحتجون به على باطلهم.
فإن قيل: ففيمن نزلت؟
والجواب: نزلت في وفد نجران لمَّا حاجوا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى بن مريم عليه السلام، فقالوا: أليس هو كلمةَ الله وروحاً منه؟ - فقال: بلى، فقالوا: حسبنا. فأنزل الله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) ثم أنزل (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ).
وقيل: بل كلٌّ من احتجّ بالمتشابه لباطله، فالآية فيه عامة، كالحرورية والسبابية، وهو قول قتادة.
ومما يسأل عنه الملحدون هذه الآية، وذلك أنّهم يقولون: لِمَ أُنزل في القرآن المتشابه، والغرض به هداية الخلق؟
والجواب: أنّه أُنزل للاستدعاء إلى النظر الذي يوجب العلم دون الإنكار على الخبر من غير نظرٍ، وذلك أنّه لو لم يعلم بالنظر أنَّ جميع ما أتى به النبي عليه السلام حق، لجوّز أنّ يكون الخبر كذباً.