والثاني: أنّه معطوف على (الشَّهْرِ الْحَرَامِ) كأنّه قال: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام، وهذا قول الحسن والفراء.
وأنكر بعضهم هذا لأنّه فيما زعم لم يسألوا عن المسجد؛ لأنَّهم لا يشكون فيه، وليس كما ذهب إليه من قِبَل أنّ القوم لمَّا استعظموا القتال في الشهر الحرام. وكان القتال عند المسجد الحرام يجري مجراه في الاستعظام، جمع بينهما في السؤال، وإن كان القتال إنما وقع في الشهر الحرام خاصةً، كأنهم قالوا: هل استحللت الشهر الحرام والمسجد الحرام، ولا يجوز حمله على (الباء) في قوله (وكفرٌ به)؛ لأنّه لا يُعطف على المضمر المجرور إلا بإعادة الجار إلا في ضرورة شعر، وسأشرحه في سورة النساء.
* * *
فصل:
ومما يسأل عنه قوله: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)؟
والجواب: أنَّ الفتنة في الدين وهي الكفر أعظم من القتل في الشهر الحرام.
ويُسْأَل بما ارتفع (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)؟
والجواب: أنّه مرفوع بالابتداء، وما بعده معطوف عليه، وخبره (أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ)، وهذا قول الزجاج، وأجاز الفراء رفعه من وجهين فقال: إن شئت جعلته مردوداً على (كَبِيرٌ) يعني: قل قتال فيه كبيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ. وإن شئت جعلت الصدَّ كبيرًا، يريد القتال فيه كبير وكبيرٌ الصدُّ عن سبيل الله وَكُفْرٌ بِهِ.
وخطّأه علماؤنا في ذلك، قالوا لأنّه يصير المعنى في التقدير الأوّل: قل القتال في الشهر الحرام كفر بالله، وهذا خطأ بإجماع، ويصير التقدير في الثاني: وإخراج أهله منه أكبر عند الله من الكفر وهذا