وقيل أصلها من الصلا وهو عظم العجز؛ لرفعه في الركوع والسجود. ومن هذا قول النابغة:
فآبَ مُصَلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ ... وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ
أي: الذي جاءوا في صلا السابق. وعلى القول الأول أكثر العلماء، ومنه قوله تعالى (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) أي: دعاؤهم. والأصل على ما قلنا: الدعاء، وهو اسم لغويٌّ. فأضيف إلى ذلك الدعاء عملٌ بالجوارح، فقيل: صلا، وصار اسما شرعيا، ومثل هذا (الصوم) أصله الإمساك في اللغة. وجاء في الشرع: الإمساك عن الطعام، فصار اسما شرعيًّا بهذه الزيادة.
والكبيرة: نقيض الصغيرة، يُقال: كبر الشيء فهو كبير. وكبر الأمر: أي عظُم.
وأصل الخشوع: التذلل، قال جرير:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ الْمَدِينَةِ والجِبالُ الخُشَّعُ
ومنه خشعت الأصوات، أي سكنت وزلّت.
* * *
فصل:
ومما يسأل عنه أن يقال: ما وجه الاستعانة بالصلاة؟
والجواب: أنّه لمَّا كان في الصلاة تلاوةُ القرآن، وفيها الدعاء والخضوع لله عز وجل، كان ذلك معونةً على ما يتنازع إليه النفس من حبّ الرئاسة، والأنفة من الانقياد إلى الطاعة. وهذا الخطاب وإن كان لأهل الكتاب فهو أدبٌ لجميع العباد.