قال الضحاك (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) أي: المطر؛ لأنّه سبب الخير، قال مجاهد (وَمَا تُوعَدُونَ) من خير أو شر. وقيل: ما توعدون: الجنة، لأنها في السماء، قال الفراء: أقسم بنفسه إن الذي قال لكم حق مثل ما إنكم تنطقون، قال: وقد يقول القائل كيف اجتمع (ما) و (أنّ) وقد يُكتفى بإحداهما من الأخرى؟ وفي هذا وجهان:
أحدهما: أنّ العرب تجمع بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما، في الأسماء قال الشاعر:
مِنَ النَّفَرِ اللَّائي الذينَ إِذا هُمُ ... يَهابُ اللِّئامُ حَلْقةَ الْبَابِ قَعْقَعُوا
فجمع بين (اللَّائي) و (الذين) وأحدهما مجزئ من الآخر، وأما في الأدوات فقول الشاعر:
مَا إنْ رَأيتُ وَلا سَمِعتُ بهِ ... كَاليَومِ طالي أينَقُ جُربُ
فجمع بين (ما) و (أنّ) وهما جحدان أحدهما يجري مجرى الآخر.
وأما الوجه الآخر: فإنَ المعنى لو أُفرد ب (ما) لكان المنطق في نفسه حقاً لا كذباً، ولم يُرد به ذلك، وإنما أراد به أنّه لحق كما أنّ الآدمي ناطق، ألا ترى أنّ قولك: أحق منطقك؟ معناه: أحق هو أم كذب؟ وأن قولك: أحق أنك تنطق؛ معناه: ألك النطق حقاً؟ والنطق له لا لغيره، وأدخلت (أنّ) ليفرق بين المعنيين، قال: وهذا أعجب الوجهين إليَّ،