من قال: أراد " قِفَنْ " لأنّه يخاطب واحداً بدلالة قوله في آخر القصيدة:
أجارِ تَرَى بَرقًا أُريكَ وميضَه ... كلمعِ اليَدينِ في حَبيّ مُكلّلِ
وهذا الجواب أضعف الأجوبة؛ لأنَّه محال أن يوصل الكلام والنية فيه الوقف.
* * *
قال أنس: طلبت الزيادة، وقال مجاهد: المعنى معنى الكفاية، أي: لم يبق مزيد لامتلائها، ويدل على هذا القول (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، ولا يمتنع القول الأول لوجهين:
أحدهما: أنَّ هذا القول كان منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.
والآخر: أن تكون طلبت الزيادة على أن يُزاد في سعتها، ومثله حمل بعضهم قول النبي صلى الله عليه يوم فتح مكة ألا تترك دارك فقال: (وَهَل ترك لنا عقيل من دار)؛ لأنَّه كان قد باع دور بني هاشم لمَّا خرجوا إلى المدينة. فعلى هذا يكون على المعنى الأول أي: وهل بقي زيادة، وجاء في التفسير: أنّ الله تعالى يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم، وقال بعضهم: هو على التمثيل، وأنشد:
إمتَلًا الحَوضُ وقَالَ قَطِني ... مهلًا رُويدا قَد مَلأتَ بَطني
وكذا قول عنترة:
وشَكَا إليَّ بعَبْرَةٍ وتَحَمْحُمِ
والأوّل هو المذهب؛ لأنَّه لا يمتنع أن يخلق الله لها آلة الكلام فتتكلم؛ لأنَّ من أنطق الأيدي والأرجل