إِمَّا سأَلتَ فإِنا مَعْشَرٌ نُجُبٌ ... الأَزْدُ نِسْبَتُنا وَالْمَاءُ غَسَّانُ
قال: ثم ارتحلوا وتفرقوا في البلاد فنزل آل جفنة بنْ عمر بن عامر الشام. ونزلت الأوس والخزرج
يثرب. ونزلت خزاعة بطن مرّ، ونزلت أزد السراةِ السراةَ، ونزلت أزد عمانَ عمان، ثم أرسل الله على
السد السيل فهلك به. ففيه أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)).
قال ويقال: من ولد عمر بن عامر (ربيعة بن نفر بن أبي حارثة بن عمرو) ومن ولد ربيعة (النعمان بن المنذر) فيما يقال، وقالت العرب: " تفرقوا أيدي سبأ "، فأجري هذا مثلاً، أنشد الفراء:
عَينًا تَرى الناسَ إليها نَسبَا ... مِنْ صَادرٍ وواردٍ أيدي سَبَأ
* * *
قرأ الكسائي وعاصم وحمزة (صَدَّقَ) بالتشديد، وقرأ الباقون (صَدَقَ) بالتخفيف. فمن شدد نصب (الظن) لأنّه مفعول بـ (صَدَّقَ). وذلك أنّه قال (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ)، فقال ذلك بالظن فصدق ظنه.
وأما من خفف فذهب الفراء إلى أنّ المعنى: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه بالرفع، على أنّ قوله (ظَنَّهُ) بدل من (إِبْلِيسُ)، قال: ولو قرأ قارئ " ولقد صدق عليهم إبليسَ ظنُّه " لجاز كما تقول: صدقك ظنُّك وكذلك ظنَّك؛ لأنَّ (الظن) يخطئ ويصيب.