وأجاز الفراء تنوينهما والمراد بهما مع ذلك الإضافة، وأنشد:

كأَنَّ مِحَطّاً فِي يَدَيْ حارِثِيّةٍ ... صَناعٍ عَلَتْ مِني بِهِ الجِلْدَ مِن عَلُ

وأنشد:

وَنَحنُ قتلنا الأزدَ أُزدَ شَنُوءةٍ ... فَما شَربُوا بَعدُ على لذَّةٍ خَمرَا

قال ولو نصب ونوّن كان وجها، وكان كما قال:

فَسَاغَ لي الشرابُ وكنتُ قبلًا ... أكادُ أغَصُّ بالماءِ المعينِ

وأجاز أيضا: جئت من قبلٍ ومن بعدٍ بالجر والتنوين.

وهذا يجوز إذا كانتا نكرتين. فأما ما أنشد من الضم والتنوين والنصب فهو من ضرورات الشعر.

وللبصريين فيه مذهبان:

أحدهما: أن يترك على ضمِّه وينون ويقدر أنّ التنوين لحقه بعد البناء وهذا مذهب الخليل.

والثاني: أنّه إذا لحقه التنوين ضرورة رُد إلى النصب؛ لأنَّه الأصل، كما يُرد ما لا ينصرف إلى أصله إذا نون، ومثل ذلك " المنادى المفرد " إذا نوّن يبقى على ضمه عند الخليل، ويُرد إلى النصب عند أبي عمرو، قال الشاعر:

سلامُ اللَّهِ يا مطرٌ عليها ... وَلَيسَ عليك يا مَطرُ السَّلامُ

هذا قول الخليل وأصحابه، وأبو عمرو ينشد:

ضَربت صدرَها إليَّ وقالتْ ... يا عَدِيَّاً لقد وَقَتْكَ الأوَاقي

بالنصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015