وذهب الخليل وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن إلى أنّه اسم علمٍ غير مشتقٍ من شيء، والذي يذهب إليه المحققون أنّه من التأله وهو التعبد والتنسك قال رؤبه:

لِلَّهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّةِ ... سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِنْ تألُّهي

أي: من تعبدي وتنسكي، حكى أبو زيد: تأله الرجل يتأله، وهذا يحتمل عندنا أن يكون اشتق من اسم الله عز وجل على حد قولك: استحجر الطين، واستنوق الجمل، فيكون المعنى: أنّه يفعل الأفعال المقربة إلى الله تعالى التي يستحق بها الثواب. ويحتمل أن يكون الاسم مشتقا من هذا الفعل نحو: تعبَّد. وتُسمى الشمس (الاهة) و (الإلاهة) رُوي لنا ذلك عن قطرب، وأنشد:

تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً ... وأَعْجَلْن الإلهة أن تغيبا

وكأنهم سموها إلاهة على نحو تعظيمهم لها وعبادتهم إياها، ولذلك نهاهم الله عن ذلك، وأمرهم بالتوجه في العبادة إليه دون خلقه فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) ويدل على هذا ما حكاه أحمد بن يحيى أنّهم يسمونها إلاهة غير مصروفة. فدل ذلك على أنّ هذا الاسم منقول إذ كان مخصوصا، وأكثر الأسماء المختصة الأعلام منقول نحو: زيد وعمرو، وقرأ ابن عباس (ويذرَك وإلاهَتَك) أي: وعبادتك وكان يقول: كان فرعون يُعبَد ولا يعبُدُ. وأما قراءة الجماعة (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) فهو جمع (إله) كإزار وآزرة، وإناء وآنية. والمعنى على هذا: أنّه كان لفرعون أصنام يعبدها شيعته وأتباعه، فلما دعاهم موسى عليه السلام إلى التوحيد حضوا فرعون عليه وعلى قومه، وأغروه بهم، ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ) وأما الأصل في قولنا (الله) فقد اختلف قول سيبويه في ذلك؛ فقال مرة الأصل (إله) ففاء الكلمة على هذا همزة وعينها لام والألف الف فِعال زائدة واللام هاء، وقال مرة الأصل (لاه) فوزنه على هذا، (فَعلٌ). ولكلٍّ من هذين القولين وجه، وإذا قدرته على الوجه الأوّل فالأصل (إلهٌ) ثم حُذفت الهمزة حذفاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015